Friday, August 14, 2009

ما حكم الاختلاط؟ .... منقول

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قالوا:
اختلاط؟ وفيها أيه؟
رحلات مختلطة؟ طب وماله؟
شلل أصحاب وصاحبات وملاء وزميلات في الجامعة والعمل.... وإيه يعني... بلاش عقد وتشدد

أنشطة خيرية مختلطة... ثم تعارف ثم هزار ثم .....
وما المشكلة؟ وهل الاختلاط حرام؟
الأصل في الأشياء الإباحة...
وأصلا كلمة اختلاط ليست موجودة في كتب الفقه القديمة... ومنعها أمر تقليدي توارثناه عن عصور الانحطاط، ولا أصل له في شريعتنا...
يروج له المتشددو ن المتزمتون الذين يريدون أن يضيقوا علينا كل واسع...

هذا ما قالوه
وعجبا مما قالوه
ما حكم الاختلاط؟


كما بينت الفتاوى (الأزهرية) حكمه أنه جائز، لأن الأصل في الأشياء الإباحة، ولم يأت أي نص شرعي ينهى الرجال عن الاختلاط بالنساء، وإنما جاءت نصوص الشريعة تبين ضوابط وحدود لابد من مراعاتها في هذا الأمر، وهي الالتزام بستر العورة، وترك تبرج الجاهلية الأولى، وغض البصر، وترك الخضوع بالقول، أي ترقيق الصوت بالكلام وتكسيره بحيث يحرك الشهوة في نفس الجنس الآخر، وأن يكون الكلام بالمعروف، فلا كلام في أمور تخالف العرف أو تخدش الحياء، أو لا يستساغ الحديث فيها بين الرجال والنساء، أو تحرك الشهوة والغريزة أو العاطفة، فالكلام إذن يجب أن تكون نوعيته محترمة، وأسلوب طرحه محترما، كذلك جاء النهي عن الخلوات، وعن التلامس بما في ذلك حده الادنى كالمصافحة

لكن هناك نقطة شرعية هامة يجب علينا أن ننتبه لها ولا نغفلها، هذه النقطة هي التي جعلت الشيخ القرضاوي يقول:
أن يكون اللقاء في حدود ما تفرضه الحاجة، وما يوجبه العمل المشترك دون إسراف أو توسع يخرج المرأة عن فطرتها الأنثوية، أو يعرضها للقيل والقال،

لماذا قال في حدود ما تفرضه الحاجة، ومن أين أتى بهذا القيد مادام الامر مباحا وجائزا؟؟

أتى به من قوله تعالى
يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ (الأعراف 31)
فالله سبحانه وتعالى بعد أن بين لنا الحرام من المأكولات والمشروبات، وعرفنا بالنتيجة أن ما سواها كله مباح وحلال وطيبات، وضع لنا ضابطا جديدا وقيدا جديدا وهو "ولا تسرفوا" وإذن فإن الإسراف في الاستمتاع بالمباح هو طريق للحرام، لذلك جاء في الحديث الشريف:
لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا لما به بأس
الراوي: عطية بن عروة السعدي - خلاصة الدرجة: [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما] - المحدث: المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم: 3/24

وكان الصحابة يقولون: كنا ندع تسعة أعشار الحلال مخافة ان نقع في الحرام..

وبما أن اختلاط النساء بالرجال أمر يعرض كلا الطرفين للفتنة لامحالة (ومن ينكر هذا ينكر بكل أسف العواطف البشرية والغرائز الإنسانية الطبيعية التي أودعها الله فينا) لذا لابد من ضبطه بعدم الإسراف فيه، ولهذا قيده الشيخ القرضاوي –بل وجميع العلماء- بحدود الحاجة...

ولمعرفة أفضل لموقف الإسلام من الاختلاط، تساعد إخوتي وأخواتي على اتخاذ مواقفهم وتقرير تصرفاتهم في الجامعة أو العمل أو الندوات أو المنتديات، دعونا ننظر للتشريعات الإسلامية نظرة شمولية، ولواقع الصحابة كذلك، بما أنهم هم الجيل الفريد المثالي، الذي كان التطبيق العملي للشريعة الإسلامية، التي حررتهم من كل عادة وتقليد وعرف مخالف لروحها او تعاليمها، وصاغتهم صياغة جديدة وفق ما يريده الله سبحانه وتعالى ممن استخلفهم في الارض لينظر كيف يعلمون..

- الإسلام دين واقعي، لم يشأ فيه مولانا عز وجل أن يشق علينا، أو يكلفنا بما لا نطيق، قال تعالى
{ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (المائدة6 )
{يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}
{لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}

فروح الشريعة الإسلامية جاءت مبنية على التيسير، تضع عن الناس إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، وحتى فرائض الله وحدوده وقيود الشريعة، جاءت لتنظيم حياة الناس، لتسير أمورهم بسلاسة ونظام، دون فوضى أو تضارب، فتكون حياتهم أيسر واسهل، لا حرج فيها..
ولو كان الله تعالى حرم علينا الاختلاط، أو جعله جائزا في حالات معينة فقط، لكانت حياتنا أصبحت شاقة، فالمرأة بحاجة لأن تذهب للسوق، والبريد، وطلب العلم والتعليم، والعمل، ووووو..... فكيف ستكون حياتنا لو كان الاختلاط محرما؟ كانت حياة شاقة متخلفة، لايمكن أن يعيشها فعلا إلا بعض البيئات المغلقة المترفة، التي توفر للمرأة الخدم والحشم والسائقين الذين من الممكن أن يقضوا لها مصالحها وهي قابعة في بيتها... لكن الإسلام دين جاء لكل زمان ومكان، ولجميع المستويات والبيئات...
ولو كان الاختلاط مسموحا به في بعض الحالات فقط، كما فهم بعض الإخوة، لوجب علينا إذن قبل أن نذهب لأي مكان فيه اختلاط (ومجرد خروجنا من باب البيت يعرضنا للاختلاط) وجب علينا أن لا نخرج حتى نستفتي ونبين للعلماء سبب الخروج ومدى ضرورته أو حاجته، ليفتونا في أمرنا، وهل يجوز لنا في هذه الحالة الخروج أم لا؟
لهذا من غير الممكن ولا العملي أن تقيد الشريعة الاختلاط بحالات معينة دون سواها..

من كل هذا يا إخوتي نخلص إلى أن الإسلام لأنه دين الله تعالى الميسر الذي ما جعل فيه علينا من حرج، أباح لنا الاختلاط، وترك لنا أمر التصرف ضمن هذه الإباحة مقيدا بضوابط شرعية، بالإضافة إلى تقوانا ثم تقوانا ثم تقوانا، وأن روح المجتمع الإسلامي الأول كانت تظهر لنا بجلاء أن الاختلاط يتم في حدود الحاجة فقط بحيث يرفع عن الناس العنت والحرج والمشقة، فيسهل عليهم تبادل البضائع والعلم والخدمات وغير ذلك، لكن دون أن نسرف فيه، بحيث يصبح هو في حد ذاته هدفا، أو وسيلة للمتعة والتسلية والاستئناس، لأنه لا يخلو من مخاطر الفتنة الكبيرة، فقد قال رسول الله في الحديث المتفق عليه

ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء

وعلينا ألا ننسى هذا..
وعلينا ألا نتوقع أننا بما أننا مسلمون ملتزمون وعلى خلق، فهذا يعني أننا تحولنا لملائكة مجردة من الغرائز والميول الإنسانية، فهذا أمر غير واقعي، والفرق بين الملتزم وغيره أن غير الملتزم لا يضبطه ضابط، أما الملتزم فيتقي الله في جميع تصرفاته، ويحرص على محاسبة نفسه وتجنيبها أن تضِل (بكسر الضاد) أو تُضَل (بضم التاء وفتح الضاد)... فحتى لو كنت متأكدة 100% من قلبي وأنه لايمكن أن يتحرك بشيء، فعلي ألا أعرض غيري للافتتان بي، لأنني يجب ان اكون حريصة أيضا على قلوب إخوتي في الله ونجاتهم، كذلك حريصة على من سيقتدي بسلوكي، وقد لا تكون له قوة شخصيتي أو إيماني، وبالتالي تكون الضوابط عنده أضعف وأقل مناعة...

No comments: